الرمز - سيد بحراوي ( كاتب مصري )

قالت صديقتي لماذا يصرون على تكرار هذه الصورة بالذات. كان يمكنهم أن يحذفوها.

كانت مستفزة هي المصرية التي قضت حياتها مع <<فتح>> ورغم أنها عرفت خفايا السرقات والصفقات والجرائم السرية التي لم تكن تتم بعيدا عنه، كانت مستفزة من صورته وهو يحاول أن يقبّل يد الطبيب.

كان واضحا أن هناك حرصاً ما من القنوات التلفزيونية على إظهاره في حالة المختل وكان هذا غير محتمل.

أنا أيضا فاضت الدموع من عيني حينما رأيت صورته وهم يحملونه الى مروحية باريس، وحين حكيت ذلك لأمينة قالت إنها أيضا بكت رغم أنها كانت قد كفت عن حبه.

وأنا صغير أحببته وكان مثالا للمناضل بالنسبة لي، وحينما بدأت أعي أخذت أدرك تناقضاته وتناقضات اللحظة. ومع أوسلو اعتبرته ممثلاً للبرجوازية العربية الخائنة. آنذاك، وكنا ما نزال في لجنة الدفاع عن الثقافة القومية، كتبت بيانا ضده أشادوا به كنموذج للبيان الدقيق الذي يعبّر عن وضعنا الراهن عربياً.

لكني بعد ذلك خرجت في تظاهرات ضد احتجازه في المقاطعة. كنت أدافع عنه وعن كرامتنا وعن رفاقنا وعن القضية التي صار رمزا لها برغم كل السياسات الخاطئة.

الآن أجلس، أتابع أخبار صحته لحظة بلحظة، وأضع شمعة أعرف أنني لن أستطيع وضعها على قبره.

ربما أضاءت الطريق للآخرين.

تشرفت بردك الجميل