أضواء من قلب الحصار..

في غزة تباطؤ الحياة المدنية بسبب شدة الحصار
يؤدي الحصار الشديد المفروض على قطاع غزة منذ حوالي عشرة أشهر إلى تباطؤ الحركة في كثير من ميادين الحياة المدنية الأساسية بالنسبة للسكان، ويلاحظ هذا التباطؤ من خلال الحركة اليومية لتنقلات وإقبال السكان على ممارسة الأنشطة المدنية المختلفة، مثل التجارة الداخلية، والسفر، والعلاج، وزيارة المدارس والجامعات، وحركة المواصلات بين المدن الرئيسية، وداخل القرى والمخيمات.
وقد أدى غياب المحروقات بالكامل عن قطاع غزة منذ حوالي أسبوعين إلى شلل شبة كامل لحركة النقل داخل قطاع غزة. فقد أغلقت الجامعات أبوابها وألغيت المحاضرات، وذلك لعدم تمكن الطلاب والطالبات من الوصول إلى مقاعد الدراسة. وعلى الرغم من اتخاذ الجامعات تدابير تؤدي إلى عودة الحياة إلى الجامعات واستئناف الدراسة، مثل توفير حافلات تقل الطلاب والطالبات من أماكن سكناهم إلى الجامعات، إلا أن حوالي 50% منهم لم يتمكنوا من الوصول إلى جامعاتهم بسبب عدم تمكنهم من استخدام وسائل النقل المعدة لنقلهم.
وفي نفس السياق تعاني الجامعات كغيرها من المؤسسات الغزية من انقطاع التيار الكهربائي، الذي أصبح دربا من معاناة الناس، مما يقلل من جودة العمل الأكاديمي، وحرمان الأساتذة من استخدام الانترنت لتحضير محاضراتهم، وكذلك حرمانهم من استخدام أجهزة العرض. هذا إلى جانب نقص ورق الطباعة، والكمبيوترات والطابعات.
المستشفيات والمراكز الطبية العامة والخاصة ليست أفضل حالا من الجامعات، فالمرضى يذهبون سيرا على الأقدام إلى مراكز العلاج، أو يستخدمون العربات التي تجرها البهائم.وهناك نقص متنامي في الأدوية، وفي التصوير بالأشعة. ويعاني موظفو المستشفيات من الوصول إلى أماكن عملهم لعدم توفر المواصلات. وكنتيجة لانقطاع المحروقات والتيار الكهربائي تلغى أغلب العمليات الجراحية، ويتم الاكتفاء بالمعاجلة الطارئة.
د. صلاح طبيب متخصص في الأمراض الباطنية يذهب منذ حوالي أسبوعين بسبب عدم توفر البنزين، في كل صباح سيرا على الأقدام إلى عملة في المستشفى الأوروبي في خان يونس، لمسافة تصل إلى حوالي 4 كيلو مترات. ويتنازل عن استراحة الظهيرة ليمشى مرة أخرى 3 كيلو مترات إلى عيادته.
ويؤدى إغلاق المعابر بشكل شبة تام إلى حرمان الكثير من الناس من السفر للعلاج، أو إلى العمل والدراسة في الخارج، كما يمنع الكثير من الغزيين المقيمين في الخارج من زيارة أسرهم أو العودة إلى بيوتهم في غزة وبالعكس.
أدى الارتفاع والنقص الحادين في أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى مثل الملابس،والمواد الكهربائية والالكترونية إلى تراجع كبير في حركة البيع والشراء في الأسواق الشعبية والمحلات التجارية.
فأغلب المحلات التجارية تبقى مغلقة أغلب ساعات النهار،وأسواق المواد الغذائية شبة فارغة من كثير من المواد التي اعتاد الغزيين على شرائها، فالأسواق لم تعد مزدحمة كما كان الوضع علية قبل الحصار.
شحده يعمل جزارا في إحدى الأسواق الشعبية، قبل الحصار كان يبيع ما يعادل600 كيلوجرام من اللحوم في اليوم الواحد، وكان يعمل لدية 3 أفراد. اليوم لا تتعدى مبيعاته اليومية من اللحوم 100 كيلو جرام. وقد اضطر للاستغناء عن العمالة التي كانت لدية.
أمجد يعمل في متجر للكمبيوتر، منذ 15 يوما تقريبا لم يقم بمعاملة تجارية واحدة. وحتى أعمال الصيانة للكمبيوترات التي كانت تشكل جزءا أساسيا من عملة لم تعد مطلوبة.
مؤسسات العمل المدني التي يزيد عددها عن 800 مؤسسة محلية، وإقليمية، ودولية، خفضت أنشطتها إلى درجة كبيرة، مكتفية بأعمال الإغاثة. أما مشاريع التنمية التي كانت تشكل جزء أصيلا من عمل هذه المؤسسات فقد ألغيت بالكامل من برامجها.
إن عملية تشديد الحصار، وإغلاق المعابر ومنع إدخال المواد الأساسية، والسلع المختلفة إلى قطاع غزة قد أدى إلى انهيار قطاع الصناعة والبناء وحركة النقل والمواصلات، وارتفاع نسبة البطالة، وزيادة الفقر بين الناس، وقد أثر ذلك على العلاقات الاجتماعية لدى شريحة واسعة بين الناس، مما أدى إلى إلغاء الكثير من المظاهر، مثل الزواج، وتقليص المناسبات الاجتماعية، وتبادل الزيارات